المنطق من وراء الطرح:
يواجه الكثير من الطلاب في مدارس القدس سواءً الحكومية أو الخاصة، تلك التابعة لبلدية القدس أو تلك التابعة للسلطة الفلسطينية أو للبعثات الكنسية والمؤسسات الإسلامية المختلفة من صعوبات تعلمية لا يستطيع الجهاز التعليمي ضمن مصادره الفيزيقية أو التربوية التعامل معها. فالطلاب الذين يعانون من إصابات حسية أو صعوبات تعلمية غالباً ما يتسربون من مدارسهم في سنواتهم الأولى لعدم استيعابهم كما يجب ولقلة خبرة الجهاز في دمجهم بأي شكل من الأشكال في الصفوف في كثير من الأحوال.
تقديم:
نحاول في هذه الورقة اقتراح فكرة بناء مركز لصعوبات التعلم في منطقة القدس، والذي يعتبر حاجة ماسة لتلبية الاحتياجات التربوية لـ- 20-30% من الطلاب ذكوراً وإناثاً على حد سواء بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية والاقتصادية المنحدرين منها (Lerner, 1997) أي ما بين 11،000 الى 16،500 طالب وطالبة في منطقة القدس وضواحيها من أصل 55000 طالب تقريباً حسب إحصائيات 2003-2004. هؤلاء الطلاب هم ممن يواجهون عسراً أو صعوبة تعلمية، والتي عرفت من قبل اللجنة الوطنية الأمريكية لصعوبات التعلم (1993) وكذلك في DSM-IV-TR (2000) على أنها مجموعة اضطرابات غير متجانسة ملحوظة في واحدة أو أكثر من العمليات الذهنية الأساسية كفهم اللغة المكتوبة والشفهية واستخدامها، أو صعوبات أكاديمية سواءً في القراءة Dyslexia، أو الكتابة Dysgraphia أو القدرات الحسابية Dyscalculia. كذلك يوضح التعريف نفسه وتعريفات أخرى وجود اضطرابات تطورية في الذاكرة والتمييز سواء البصري أو السمعي واضطرابات أخرى في التركيز والتواجد المكاني، وكل هذه الصعوبات غير مشروطة بوضع اجتماعي أو بتخلف عقلي لدى الطالب. الصعوبات التعلمية يمكن تعريفها باختصار على أنها فشل في عمليات تحليل المعلومات.
الصعوبات التعلمية تظهر من خلال تأخر ملحوظ في تقدم الطالب الأكاديمي وصعوبة في التأقلم الاجتماعي في البيئة المدرسية فمن ناحية يمتاز هؤلاء الطلاب من قدرة ذهنية طبيعية مثلهم مثل بقية الطلاب ومن ناحية أخرى تعترض تلك القدرات صعوبات جمة تظهر في قلة التوازن الجسدي لديهم، أو في بطؤهم في إتمام المهمة الموكلة اليهم، أو في مشاكلهم السلوكية. حيث أن 50% من هؤلاء الطلاب يعانون من اضطرابات في المهارات الاجتماعية.
إن أحد الاضطرابات الشائعة بين الطلاب هو اضطراب الاستماع والإصغاء ADD أو اضطراب الحركة الزائدة Hyperactivity أو الاضطرابيين معاً AD(H)D، حيث أن هذا الاضطرابات تعيق الطالب من الجلوس هادئاً في صفه بسبب عدم قدرته على الإصغاء والتركيز في المادة المدرسة. في هذا النوع من الاضطرابات غالباً ما يكون للتدخل الطبي دور جيد من خلال إعادة التركيز والإصغاء للطفل والتقليل من حركته الزائدة بالإضافة إلى التدخل التربوي المكمل.
بالرغم من قدم تواجد هؤلاء الطلاب على مقاعد الدراسة الا أن الجهاز التعليمي وخطة المنهاج لا توليهم أي اهتمام، فتركيز الجهاز لا يتعدى اهتمامه بالطلاب العاديين والمتفوقين وبتوفير أفضل الأدوات والمواد لهم. بالإضافة الى ذلك فإن الجامعات الفلسطينية وكليات تأهيل المعلمين لا تعمل على تهيئة طلابها بالتعامل مع تلك الفئة من الطلاب كما يجب. في السنوات السبع الأخيرة تم توفير المرشدين التربويين في بعض المدارس من خلال مشاريع دمج الطلاب غير العاديين في التربية العادية، ولكن تأهيل هؤلاء المرشدين ومعارفهم لا تساعدهم في توفير أفضل الخدمات التربوية لتلك الفئة من الطلاب. بعض المعلمين في دائرة التربية والتعليم في منطقة القدس قد مروا دورات وورشات عمل عامة حول تلك الظاهرة والخطوط العامة التي يجب أن يتبعوها للعمل مع هؤلاء الطلاب، وهذا أيضاً غير كاف للتعامل مع حاجات هؤلاء الأطفال بصورة جادة.
كثيرة هي احتياجات الجهاز في هذا المجال والتي تتلخص بتأهيل جيد للمعلمين للعمل مع الصعوبات التعلمية من خلال الكشف المبكر لتلك الحالات وملائمة البرامج التربوية لاحتياجاتهم، للحفاظ عليهم غير متسربين جسدياً أو نفسياً.
توصية وتوجه:
للأسباب المذكورة آنفاً فإن وجود مركز في مدينة القدس لصعوبات التعلم قد يساعد في تلبية احتياجات هؤلاء الطلاب خصوصاً وتلبية احتياج مدارس القدس عموماً. حيث يوفر هذا المركز الخدمات التالية:
1- كشف مبكر لصعوبات التعلم وتشخيصها.
2- بناء البرامج المختلفة التربوية (التعليمية، السلوكية والاجتماعية)، والعمل مع المعلمين تطبيقها في صفوفهم.
3- العمل الإكلينيكي المباشر مع بعض هؤلاء الطلاب حسب الحاجة.
4- متابعة دمج الطلاب ذوي الصعوبات في مدارسهم.
5- تقديم المشورة والعون لأهالي الطلاب ذوي الصعوبات التعلمية ولمعلميهم.
6- تأهيل المعلمين في مجال العمل في الصعوبات التعلمية.
7- اقتراح برامج ومناهج بديلة تلائم الصعوبات التعلمية.
8- العمل على وضع سياسات والتأثير على وزارة التربية والتعليم في اتخاذ الإجراءات الملائمة لتلبية احتياجات تلك الفئة سواء من تكييف المناهج بما يلائم الاختلافات الفردية، تعيين لجنة تقوم بفحص وتشخيص الطلاب ذوي الإعاقات في جهازها ومساعدتهم في التعليم وكذلك في الامتحانات النهائية.
9- نشر الوعي العام حول هذه الظاهرة في المجتمع الفلسطيني عموماً وفي القدس خصوصاً.
10- تطوير المعايير الخاصة للثقافة العربية في قياس ظاهرة صعوبات التعلم
العاملين في هذا المركز ستكون من الاختصاصات التالية:
1- أخصائيين نفسيين مخولون لإجراء الفحوصات النفسية وفحوصات الذكاء.
2- طبيب أعصاب أو طبيب نفسي للتشخيصات خاصة.
3- فاحصون مؤهلون للصعوبات التعلمية للتشخيص(من التخصص التربوي).
4- أخصائية علاج لغة ونطق لتشخيص صعوبات اللغة والنطق.
5- مدرسون في التربية الخاصة، أخصائيون في تعليم اللغة والنطق، وتربويون في أساليب العمل التربوي.
6- أخصائيون اجتماعيون يعملون مع الأهالي والمجتمع المحلي.
7- مجموعة من المدربين المؤهلون في هذا المجال.
8- أخصائيون في مجال التعليم باستخدام الحاسوب.
9- باحث أو طاقم بحثي يعمل على توثيق التدخل وكذلك على عمل الدراسات الحقلية المناسبة والداعمة لعمل المركز وتحسينه، وكذلك على تطوير معايير لصعوبات التعلم لدى الطالب العربي.