.
يعمل المركز الفلسطيني للارشاد وعلى مدار40 عام على اعداد استراتيجيات عمل ممنهجة للاستجابة والنهوض بالصحة النفسية الاجتماعية في فلسطين وتعزيز التوازن النفسي الاجتماعي كون الصحة النفسية والمعافاة من الأمور الأساسية لتوطيد القدرة الجماعية والفردية على التفكير، التأثر، والتفاعل بين البشر، وكسب لقمة العيش والتمتع بالحياة. استندت عملية التخطيط على أساس نظرية التغيير والتي تعتمد على تكوين تصور شامل حول المشاكل والفرضيات والسياق المحيط بها، إلى جانب البحث في فرص عملية للتدخلات الإستراتيجية وكيفية تحقيق الأثر وقياسه ومتابعته.
يعتبر المركز الفلسطيني للارشاد من المؤسسات العريقة الاصيلة التي تقدم خدمات الارشاد والدعم النفسي الاجتماعي للفلسطينيين اينما وجدوا، حيث يعمل على تقديم الخدمات ليس فقط للفلسطينيين داخل حدود فلسطين بل ايضا يحرس على تقدم الخدمات للفلسطينيين اللاجئين والمتواجدين في الدول المجاورة من خلال بناء قدرات العاملين ومقدمي الخدمات في الصحة النفسية الاجتماعية وذلك لضمان وصول الخدمات النوعية وذات الجودة العالية للفلسطينيين
ان توجه العمل خلال السنوات القادمة تم بناؤه على منهج حقوقي، وهذا يأتي من الايمان بأهمية وضرورة تمتع وحصول الانسان على حقوقه كافة، كالحق في الحرية والتحرر، الحق في التعبير، الحق بالتمتع بالصحة الشمولية والحق في العمل والعيش الكريم وغيرها من الحقوق الانسانية التي تضمن التمتع بحياة كريمة تمكن الانسان من النمو النفسي الاجتماعي الايجابي والقدرة على الدفاع عن النفس والتعامل مع المشكلات وحلها بطريق ايجابية وصحية. تمثل النهج الحقوقي ايضا في العمل من الايمان بقدرة الانسان واستطاعته على المطالبة بحقوقه، لذلك سيركز العمل على تعزيز ودعم جميع الفئات المستهدفة من أطفال، شباب /ات نساء ورجال وكبار السن لإكسابهم المعارف والمهارات التي تمكنهم من تحديد مطالبهم والدفاع عنها.
بالاضافة الى النهج الحقوقي التي تم اعتماده في العمل، تم تبني النهج المجتمعي في قيادة الصحة النفسية الاجتماعية في المجتمعات المحلية وذلك من خلال تمكين وتقوية المؤسسات القاعدية لتكون جاهزة وقادرة وممكنة لمعرفة احتياجات المنطقة والاستجابة الفعالة لتلك الاحتياجات مما يساعد في ضمان استمرارية الخدمات وتوفرها وسهولة وصولها الى الفئات التي تحتاج تلك الخدمات.
القدس هي المحور الأساسي لخدماته، اذ أن المركز وعى أهمية تواجده في المدينة، وعمل قدر الإمكان على فك الارتباط مع المؤسسات الاسرائيلية في مدينة القدس، وخلق البدائل الفلسطينية الفاعلة وتقويتها، فأصبح من أهم المؤسسات التي تقدم خدمات في مجال الصحة النفسية الاجتماعية في القدس، تلك الخدمات التي لا تولي الحكومة الاسرائيلية أي اهتمام لتقديمها للمقدسيين. في مقابل التفريغ الذي مارسه الاحتلال على المؤسسات الفلسطينية المقدسية، ناضل المركز من أجل استمرار وجوده في مدينة القدس ولا زال يناضل ليبقى صامدا في المدينة المقدسة ويدعم صمود المواطنين في وجه الاجراءات الاسرائيلية الرامية الى تهويدها وطرد سكانها.
يدعم ويعزز المركز صمود كافة المواطنين الفلسطينيين من خلال فروعه المنتشرة في عدد من مدن الضفة الغربية (رام الله، نابلس، وبلدة عزون قضاء قلقيلية)، والذي جاء افتتاحها ردأ على تفاقم الوضع وعزل مدينة القدس عن بقية الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يهدد فرص القدس لتكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية، وليسهل وصول المواطنين في كافة المناطق إليه.
يتميز المركز في تقديم خدمات الصحة النفسية والمجتمعية الشاملة في فلسطين، ويتقدم بثبات لتحقيق رؤيته وأهدافه المتطورة دائما، يتفاعل المركز مع التطورات العملية المختلفة في مجال الصحة النفسية وتبنيها وتطويرها لتلائم حالة المجتمع الفلسطيني في ظروف تطوره المختلفة، يسعى المركز وعلى الدوام إلى الصمود والبقاء والتميز كمؤسسة تقدم خدمات الصحة النفسية بتميز وجودة ومقبولية.
حقق المركز خلال الثلاثة عقود الماضية انجازات جعلته يكسب ثقة المجتمع المحلي ومؤسساته، وثقة العديد من المؤسسات الدولية التي بنت جسور من الشراكة الدائمة مع المركز، واستمرت في دعمه مالياً وعينياً منذ تأسيسه ولغاية الآن. لعب المركز دوراً محورياً وطنياً ضمن تواجده في العديد من المحافل والشبكات الوطنية المختلفة التي ضمت كافة أطياف ومؤسسات المجتمع الفلسطينية الحكومية والأهلية، فكان أول من ساهم في تأسيس شبكة لمؤسسات الصحة النفسية في فلسطين (مجموعة بناء التوازن)، وكان أول من ساهم في تأسيس الائتلاف من أجل القدس الذي ضم مجموعة من المؤسسات المقدسية للدفاع عن حقوق المقدسيين ودعم صمودهم امام الاحتلال، كما قاد ولسنوات لجنة القدس في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، الى جانب العديد من الشبكات والتجمعات.
أسس المركز وتبنى سياسات تحفظ استقلالية القرارات المهنية والادارية المتبعة من خلال رفض أي علاقة مشروطة مع أي أطراف إن كانت داخلية أو خارجية على سبيل المثال رفض التمويل المشروط، وكان من المؤسسات التي عززت فكرة رفض العلاقة الشرطية، حيث أن هذا النهج سمح للمركز المحافظة على المهنية المطلوبة والالتزام بقضايا مجتمعنا الفلسطيني.
طور المركز برامج نفسية شمولية، تواكب احتياجات الشعب الفلسطيني في جميع مراحل صموده ونضاله من أجل التحرر، كما وساهم في تفعيل دور الشباب الفلسطيني ومعالجة قضاياهم وتحفيز طاقاتهم الكامنة، واستثمارها لكي يكونوا مساهمين فاعلين ومبادرين في العملية التنويرية خاصةً في مدينة القدس، فساهم منذ تأسيسه بتشكيل حركة تطوعية شبابية كان لها دور بارز في العمل على القضايا الوطنية المختلفة، ودعم صمود الشعب الفلسطيني من خلال تقديم المعونة للفقراء، الفلاحين، والمتضررين من إجراءات الاحتلال. طور المركز مجموعة من البرامج الهادفة لتوسيع وتنشيط العمل التطوعي في المجتمع الفلسطيني، وجعل المتطوعين/ات الشباب من الجامعات الفلسطينية يلعبون دوراً فاعلاً في حياة الأطفال الذين يواجهون مخاطر مختلفة، وإشراك وتعريف الشباب/ات باحتياجات المجتمع المحلي، الى جانب التعزيز الدائم للهوية الوطنية الفلسطينية والعربية والعمل الدؤوب مع الشباب، لزيادة تمسكهم بهويتهم وتراثهم، وتحفيز القدرات الكامنة لديهم.