تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

صعوبات اتخاذ القرار المهني

المصدر
المركز الفلسطيني للإرشاد
الناشر
يحيى حجازي
السنة
2004
يعرض هذا المقال الصعوبات التي يواجهها المراهق عند اتخاذه لقراره المهني

تقديم

"أعتقد بأنني لست بحاجة الآن الى القيام بالاختيار"، "تييجي الصبي بنصلي على النبي"، "بعد ما تطلع العلامات بشوف شو بدي أعمل"، "أنا عارف شو بدي اتعلم" وعبارات كثيرة أخرى نسمعها من الطلاب تعكس أحياناً عدم قدرتهم العامة في اتخاذ قرار بشكل عام، وتعكس أحياناً أخرى تخبطات ناتجة عن قلة معرفتهم بميولهم المهنية أو معرفتهم بما يجري في عالم المهن من حولهم. قرارات يجب القيام بها، فخلال مراحل مختلفة في حياتنا نحن ملتزمون في اتخاذ قرارات كثيرة سواء كانت هذه القرارات في مواضيع شخصية، تجارية، مشاعرية أو مهنية (فريدمان، 1989).

مستوى صعوبة اتخاذ القرار يعتمد عادة على عوامل ذاتية تتعلق بالفرد نفسه، وترتبط أحياناً بموضوع القرار، فعلى سبيل المثال، نتوقع سهولة في اتخاذ قرار شراء قميص لحفلة ما مقارنة بقرار يجب أخذه عند اختيار قرين للزواج. ففي المثال الأول قد نقوم باتخاذ قرار سريع بشكل ذاتي، ولربما نأخذ رأي البائع أو شخص نثق بذوقه، في حين نحتاج الى استشارة أصدقاء ومعارف فيما يتعلق بالقرار الثاني، واتخاذ القرار فيه يأخذ عادة وقت أطول. أما في المجال المهني فنرى أن هناك أشخاص قد يقومون بتحديد خياراتهم بسهولة كبيرة في حين أن آخرين يتخبطون كثيراً ولا يستطيعون بتلك السهولة تحديد المهنة أو الاتجاه الذي يريدون العمل فيه، وهؤلاء بحاجة الى الاستشارة الفردية أحياناً أو الى الاستشارة المحوسبة أحياناً أخرى (جاتي، 1998).

في هذه المقالة سوف يتم التطرق الى الصعوبات التي يواجهها المراهقون، وخصوصاً طلاب الثواني عشر في اتخاذ قرار مهني في السنة الأخيرة من دراستهم. حيث أن موضوع الخيار المهني يشغل جميع الطلاب الثانويين بلا استثناء وخاصة الطالب العربي الذي لا يقوم بالخدمة العسكرية بعد إنهاءه المرحلة الثانوية مضطراً الى الاختيار السريع والتسجيل الى جامعة أو معهد ما مصارعاً الزمن القصير الذي يحتاج فيه الى اتخاذ قرار مهني.

صعوبات في اتخاذ القرار:

لربما هناك علاقة وثيقة بين عدد الجامعات الموجودة في منطقة ما، وعدد التخصصات المهنية الممكن الانتساب اليها ومجموع المهن الطروحة في سوق العمل، ومستوى التخبط في اتخاذ قرار مهني. ففي المجتمعات الزراعية النائية، أو المجتمعات قليلة العدد التي يعتمد أهلها على سبيل المثال على الصيد فقط كمركز رزق لهم قد يواجهون صعوبات في اتخاذ قرار مهني أقل بكثير من أؤلائك القاطنين في مجتمعات متحضرة، فيكون اتخاذ قراراتهم المهنية صعبة بسبب تعدد المهن المطروحة في سوق العمل وكثرة البدائل والامكانيات المتاحة أمامهم، وبسبب الاكتظاظ والمنافسة الكبيرة في سوق العمل في هذه الأماكن.

تتعدد النظريات التي تفسر هذه الصعوبات، ففي حين تميل النظرية التحليلية الى اسناد الصعوبة الى صراعات داخلية تظهر في قدرة الفرد على التنظيم والمبادرة المتأثرة بالتوقعات الاجتماعية المحيطة به، وشعوره بالالتزام والمسؤولية في تحقيق تلك التوقعات ) Lewin1951)؛ تميل نظريات أخرى لتفسير الصعوبة على أساس عدم جاهزية الفرد في اتخاذ قرار (Osipow & Fizgerald, 1996) أو كون الصعوبة نابعة من قلة معرفة الفرد بميوله وقدراته وبلورة مميزاته وصفاته الشخصية (Super, 1955). أما السلوكيون فيعزون ذلك حتماً الى العلاقة التي تعلمها الفرد في حياته فيما يتعلق في اتخاذ قرارات سواء ايجابية كانت أم سلبية من خلال التجربة الذاتية أو من خلال النمذجة المجتمعية (Krumboltz, 1988).

فعلى سبيل المثال لا الحصر، أعرض نظرية الميول باختصار شديد  كمثال يجسد الصعوبة التي قد تعترض الفرد في اتخاذ قرار سليم عند اختياره مهنة المستقبل. يرى Holland (1985) بلورة الميول المهنية كشرط أساسي للقيام بالاختيار المهني. تفترض هذه النظرية بأنه يوجد لكل إنسان ميول مركزية، حيث أن مستوى التوافق بين هذه الميول والمهنة التي يختارها قد يحدد مدى الاكتفاء الذاتي للفرد. فإذا ما قام الشخص بالعمل في مهنة لا تلائم ميوله المركزية سوف يشعر بالاحباط وعدم الرضى الناتج عن عدم التوافق هذا، والعكس هو الصحيح (Holland, 1985; Salomone, 1982).

اقترح Holland تصنيفاً يستطيع من خلاله تحديد الانماط الشخصية والميول الذاتية المهنية لدى الأفراد حيث قسم الأفراد متخذي القرار المهني الى ستة أنماط (نماذج) قد تتقارب من بعضها وقد تبعد عن بعضها اعتماداً على المميزات والصفات الشخصية من ناحية ومميزات ومتطلبات المهن من ناحية أخرى.

  1. نموذج العملي: هؤلاء الأشخاص يفضلون ممارسة الأنشطة الملموسة،  فهم غير حاسمون، وليسوا بالضرورة اجتماعيون، يظهرون ثباتاً عاطفياً وهم عادة ما يكونون يقظين لما يجرى من حولهم. النموذج العملي يحب التعامل مع الامور التي تحتاج فهماً عملياً، فهو يظهر اهتمامات تقنية ورغبة في التعامل مع الأجهزة أكثر من اهتمامه بالعلاقات الانسانية. من المواضيع المهنية المفضلة: الهندسة بأشكالها، الطب بصوره المختلفة، العمل الزراعي والحيواني.
  2. نموذج الباحث: هؤلاء الاشخاص يميلون الى المواضيع التي بحاجة الى تجريد، يستخدمون المنطق والتفكير المنهجي في تفسير الظواهر، ولا يحبون التعامل مع المحسوس غالباً. هذا النموذج يتميز  بحاسة نقد وحب استطلاع، وصعوبة في ممارسة الاعمال الروتينية. من المواضيع المهنية المفضلة: الرياضيات، علم النفس، برمجة الكمبيوتر، الانثروبولوجيا...
  3. نموذج الفني: هؤلاء الأشخاص مرهفو الحس وواسعو الخيال، ولديهم قدرات يدوية عالية، يميلون الى اتخاذ قرارات لا تأخذ بعين الاعتبار احتياجات وتوقعات المجتمع منهم، وانما يميلون الى اتخاذ قرارات مستقلة وارتجالية شيئاً ما. ميلهم الفني نابع من الحاجة للتعبير عن العواطف وابراز الشخصية، فهم أصليون في أفكارهم، شخصياتهم وكذلك في انتاجهم. يميل هذا النموذج الى الاعمال الحرة وغير المقيدة والتي بحاجة الى خلق وابداع. من المهن المفضلة: هندسة التصميم، الموسيقى، التمثيل، الكتابة، الاخراج، هندسة الديكور...
  4. نموذج الاجتماعي: هؤلاء الاشخاص يميلون الى العمل المجتمعي، لديهم قدرة لاقامة العلاقات مع الآخرين، يستمتعون في حل مشاكل الآخرين أو مساعدتهم على حلها. من المهن المفضلة: العمل الاجتماعي، الاستشارة، إدارة مدرسة، أخصائي نفسي...
  5. نموذج المبادر: هؤلاء الأشخاص يتميزون بقدرة كلامية وقوة إقناع، يعملون حسب مبدأ (العمل القليل والربح الكثير)، يهتمون بالأعمال التي تدر ربحاً مادياً. يميل هذا النموذج الى المهن التي ترتبط بالمركز الاجتماعي، فهو يتميز بالحسم والمباشرة والعملية في التعامل مع الآخرين. من المهن المفضلة: وكيل تأمين، إدارة برامج اذاعية، اقتصادي...
  6. نموذج الاداري: هؤلاء الأشخاص لديهم قدرة للسيطرة على الذات، وهم غالباً ما يميلون الى ممارسة الأعمال الدقيقة ملتزمين بالقوانين والمعايير والقيم المفروضة. من المهن المفضلة: إدارة وتدقيق الحسابات، فحص الميزانيات، إدارة بنك، إدارة فندق، إحصاء، إدارة أعمال... 

المراهقون كمتخذي قرارات

تعتبر مرحلة المراهقة مرحلة مهمة ورئيسية في حياة الفرد، ففي هذه المرحلة تتبلور هويته المهنية كما وتتبلور هوياته الشخصية الأخرى (الجنسية، الوطنية، الاجتماعية...). تتأثر الصورة النهائية للبلورة من عدة عوامل مركزية (الفرد، المحيط والمرحلة العمرية)، حيث أن هذه البلورة لا تجري عادة بمعزل عن المجتمع المحيط به، ولذا فإن اتخاذ أي قرار مهني كان أو شخصي يتأثر بالضرورة بهذه العوامل. يفترض Simons (1989) بأن كل قرار يأخذه الفرد يرتبط بحوار يجريه مع الاشخاص المهمين له كالوالدين والأقارب، فيرى Payne وآخرون (1990) بأن التفاعل بين (المجال وموضوع القرار، مميزات الفرد والمجتمع المحيط) يحدد الاتجاه الذي سيتخذه الفرد وقت اتخاذ أي قرار قد يؤثر بالنهاية عليه وعلى المحيط الذي يعيش فيه.

يستصعب المراهقون كأي فئة أخرى في أخذ قراراتهم المهنية والدراسية، حيث أن الفروقات الفردية هنا تعكس ذاتها، فبينما يستصعب مراهقون اتخاذ القرارات نرى آخرون يختارون بسهولة دون أي تخبطات (Gati, Krause & Osipow, 1996). يعتقد كل من Gati, Krause & Osipow (1996) ان عدم قدرة المراهق في أخذ القرار في المجال المهني والتعليمي قد تعود الى صعوبة قد تنشأ قبل أخذ القرار أو أثناء أخذ القرار: كقلة جاهزية المراهق في أخذ القرار، قلة المعلومات أو عدم دقتها (سواء عن عملية أخذ القرار ومراحلها، عن القدرات والميول والاعتبارات المهمة لدى المراهق في المهنة التي يريدها وعن عالم المهن والتخصصات)، وقد يرجع ذلك الى عدة عوامل نذكر اثنين منها:

  1. تطور الذكاء والقدرات: حيث يتضمن التطور النوعي في العمليات العقلية القدرة على التفكير الارتدادي والقدرة على التعميم والتفكير في بدائل مختلفة في ذات الوقت (Keating, 1990; Fabricious & Hagen, 1984).
  2. تطور القدرة للتخطيط المستقبلي: يعتقد Quadrel, Fischhoff & Davis (1993) و Jepson (1974) أن المراهقين يستطيعون اتخاذ قرارات مبنية على العقلانية والمنهجية، ويميلون عادة الى التفكير الواقعي، ولكن بسبب قلة التجربة الحياتية والنضوج وقلة المهارات الفردية، غالباً ما تكون قراراتهم غير متوازنة، الأمر الذي يعرقل أحياناً إتخاذهم للقرار المناسب أو يجعلهم يأخذون قرارات غير صحيحة.

 

تصنيف صعوبات اتخاذ القرار المهني

عرض Gati, Krausz & Osipow (1996) تصنيفات للصعوبات التي يواجهها الفرد عند اتخاذه قرارات مهنية،  فالتصنيف الأول يتعرض الى وقت نشوء تلك الصعوبات (صعوبات تنشأ قبل البدء في عملية اتخاذ القرار، وصعوبات تنشأ أثناء اتخاذ القرار المهني). التصنيف الثاني يتعرض للسبب الذي يعزون له الصعوبة (صعوبات مرتبطة بقلة الاستعدادية الذاتية لاتخاذ قرار، صعوبات ناشئة عن قلة المعرفة، وصعوبات ناشئة عن المعلومات المتضاربة).

عندما يتحدث الباحثان عن الصعوبات التي يواجهها الفرد فإنهما يقارنونه بـ "متخذ قرار مثالي" والذي هو عبارة عن نموذج نظري يتجسد بشخصية فرد قادر على اتخاذ قرار واقعي ملائم لقدراته ورغباته والمهن المختلفة، قرار مبني على معلومات ملائمة في وقت كاف لدراسة المعطيات وإعطاء القرار، وبدون صراعات كبيرة قد تؤثر على قراراته.

 

والصعوبة في اتخاذ القرار هنا معرفة بالقدر الذي يحيد متخذ القرار العادي عن هذا النموذج المثالي النظري.

الشكل التالي يظهر العشرة صعوبات والارتباط بينها: 

أثر التنشئة الاجتماعية على اتخاذ القرار

كما أسلفنا فإن اتخاذ أي قرار لا يكون بمعزل عن المجتمع المحيط والمكتنف للفرد (Payne, et  (al, 1990بالرغم من أن المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمع الفلسطيني بشكل خاص يمر بمرحلة انتقالية ما بين العصرية والمحافظة، الا أنه يعتبر مجتمعاً أبوياً تقليدياً محافظاً بصورة عامة، وذو توجه جماعي، سواء أكان ذلك على مستوى المجتمع الواسع أو على مستوى العائلة والأسرة (Al-Haj, 1987; Barakat, 1985). هذا التوجه ينعكس في التعلق الأسري من ناحية وعدم قدرة الفرد على اتخاذ قرارات مستقلة من الناحية الأخرى. فعمليات التنشئة في المجتمعات العربية والمجتمع الفلسطيني على سبيل المثال تؤثر على اتخاذ القرار المهني تؤثر وتتأثر من عوامل عدة:

1- النوع الاجتماعي: فالمجتمع الفلسطيني المحافظ كغالبية المجتمعات العربية يميل الى تفضيل الذكور على البنات "يعتقد الوالدان بأنهم يستطيعون الحفاظ على اسم العائلة واستمراريتها، فقط من خلال انجاب الأبناء الذكور. بالرغم من التغيرات السريعة التي يمر فيها المجتمع الا أننا نرى أن الآباء يميلون الى اسناد سلطة الى الابن البكر كأن يقوموا بحماية ورعاية أخوانهم وخصوصاً الاناث" (حاج يحيى، 1994، ص 255). هذا التفضيل يؤثر في النهاية على نوع التوقعات وجدية التعامل مع القضايا التي لها علاقة بمهنة المستقبل سواء للفتاة أو للشاب. فتفضيل الذكور على الأناث يعكس التوقعات الكبيرة التي يتوقعها الوالدين من الذكور، ويفسر مدى الجدية التي يوليها الوالدين في تعليم الأبناء وإيصالهم الى مراكز مهنية قد تعيل الأسرة وتساعد في ثباتها الاقتصادي لاحقاً. فالمتوقع من الأولاد في هذه المجتمعات هو الاجابة على توقعات المجتمع منهم كرجال لديهم القدرة على تحمل مسؤليات صعبة ومن البنات العيش حسب نموذج "المرأة الشرقية" التي تظهر الرقة، والتي تكبت مشاعرها الحقيقية إذا ما تناقضت مع هذا النموذج (سعداوي، 1990). كما تعكس الدراسات التي قام بها (تينة، 1987) مدى تأثر الفتاة من الأحاديث والتقاشات التي تتداول في الشارع والمدرسة حول الزواج والمهن النسوية والعلاقات، فتتحول هذه النقاشات والأحاديث الى نماذج ذهنية واجتماعية تستدخلها الفتاة في مراحل حياتها وتطورها النفس-اجتماعي. في بحث قام به حجازي (2002) لقياس الصعوبات التي يواجهها 1590 طالب (652 طالب، 938 طالبة) جميعهم يدرسون في الصف الثاني عشر (توجيهي أو بجروت) عند اتخاذهم قرار في اختيار مهنة، في السنة التي يقفون فيها أمام خطوة اتخاذ قرار مهم في حياتهم في الفترة القريبة وجد أن هناك فروق واضحة بين الجنسين في الصعوبات التي يواجهوها في اتخاذ قرار مهني: حيث كانت الاختلافات القوية الواضحة (p<0.01) بين الجنسين في قلة الدافعية لاتخاذ قرار، والصعوبة العامة في اتخاذ القرار المهني وفي الصراعات الخارجية المؤثرة في اتخاذ القرار المهني. فبينما أظهر الطلاب الذكور صعوبة كبيرة ناتجة عن قلة الدافعية من ناحية والصراعات الخارجية من ناحية أخرى مقارنة بالبنات. أظهرت الطالبات صعوبة واضحة في قدرتهن العامة في اتخاذ قرار.

يمكن تفسير هذا الاختلاف على أساس التوقعات الكبيرة التي ينتظرها الوالدين من الابن الذكر، من ناحية وعوامل التنشئة المجتمعية التي تحدد من الفرص المتاحة أمام الأنثى مما يعزز لديها الشعور بالمحدودية فهي ليست بحاجة الى التخبطات والصراع مع التوقعات المجتمعية منها فهي أيضاً محدودة (حاج يحيى، 1994؛ سعداوي، 1990).

2- الوضع السياسي الاقتصادي: محيط الفرد لا ينتهي في بيته، وانما يمتد ليصل الى القرية، المدينة القريبة والدولة التي يعيش فيها. لا شك بأن الوضع الاقتصادي في أي بلد يحدد نوع المهن التي يعمل فيها الانسان، فمجموع المهن التي يقوم بها كل فرد تعكس (الصورة الاقتصادية العامة للدولة) وتحدد تدريجها الاقتصادي في العالم.  في الكثير من الدول التي تعاني صراعات إثنية وذات تعدد قومي كما هو الحال في اسرائيل تتأثر الاقليات والمجوعات الاثنية الى ضغوطات ومحدودية في الخيار تؤثر في النهاية على القرارات المهنية التي سيقوم الفرد بها. ليس بالغريب على سبيل المثال أن مهنة التدريس تتحول شيئاً فشيئاً الى مهنة نسوية في الكثير من دول العالم ولكنها تبقى على حالها في اسرائيل، فالكثير من الخريجين المتخصصين في مواضيع ذات طابع حساس (مثل بعض العلوم الفيزيائية، النقل الجوي، الكهرباء، الاتصالات...) لا يستطيعون العمل في مهنهم التي تخصصوا بها فيتحولون للعمل في جهاز التعليم كبديل ليس ملائماً في كثير من الأحيان. فالواقع السياسي يؤثر على فتح البدائل أو تحديدها للأقليات، مما يحدد بالنهاية ماهية سوق العمل الفلسطيني النهائي، وأي قرار مهني يقوم به الطالب لاحقاً يأخذ بعين الاعتبار المحدوديات من جهة والبدائل المفتوحة من جهة أخرى، ولذا فمن المتوقع أن يكون هناك احتمال بأن مبنى الصعوبات المهنية قد يتغير بما يتناسب وهذه العوامل (الحاج، 1987؛ هلال، 1999).

3) ترتيب الصعوبات:  كان متشابهاً وليس متماثلاً بين المراهقين في الدول المختلفة التي أجري فيها البحث

تلخيص وتوصيات:

لا شك أن موضوع الإرشاد المهني والتوجيه الدراسي والمهني يجب أن يكون مبنياً على الاحتياجات الحقيقية للطلاب. في المدارس الثانوية يركز الكثير من المستشارين التربويين على تقديم المعلومات لطلابهم (معلومات عن البدائل التعليمية، الجامعات والمعاهد، الامتحانات وغيرها)، وقد يقوم بعضهم في اجراء بعض الفحوص المهنية التي تساعد الطالب على تحديد وبلورة قدراته وميوله. من جهة أخرى نرى من نتائج عدة أبحاث (جاتي وأسيبو، 1996؛ حجازي، 2002) الحاجة الكبيرة للطلاب في التعرف على كيفية اتخاذ القرار العام  وفي التعرف على كيفية التعامل مع الصراعات الخارجية المؤثرة على اتخاذ قرارهم وفهم الصراعات الداخلية التي تسبب في تحجيم قدراتهم وأحلامهم وطموحاتهم.

يستطيع المستشار تحديد الصعوبات الفردية والتعامل معها، أو بناء برنامج تدخل جماعي يناسب الحاجات الحقيقية والصعوبات المصرح عنها من قبل الطلاب الثانويين، وبهذا يمكن تصنيف الطلاب الى مجموعات صعوبات متماثلة وبناء برامج خاصة بهم تلائم نوع الصعوبة التي يعانون منها.

فإذا ما كانت الصعوبة المركزية على سبيل المثال في مدرسة ما ناتجة عن (صراعات خارجية) بعد المسح الذي قام به المستشار لصعوبات اتخاذ القرار المهني للطلاب، فمن الممكن أن يكون للمستشار دوراً مركزياً في بناء ورشات عمل توجيهية للأهل وتثقيفهم حول الوضع المهني القائم، والصعوبات التي يواجهها أولادهم وبناتهم ومناقشة التوقعات المتبادلة بين الاهل وأبناءهم.

إن عمل المستشار التربوي هنا قد يساهم في مساعدة الطالب/ة في تحديد ميوله والتعرف على قدراته من خلال الاختبارات التي يقوم بتمريرها وتحليلها ومناقشة نتائجها مع الطالب وفتح الآفاق أمامه وتعريفه بالمؤسسات والمعاهد والجامعات التي قد تكون عنواناً ملائماً لتلك الميول والقدرات. بالإضافة الى ذلك على المستشار معرفة الصعوبات التي قد تحول بين الطالب وإخراج قراره الى حيز الوجود والتعامل مع هذه الصعوبات من خلال تعريف الطالب بها وتوضيحها له، ومن خلال دعمه وإكسابه الأدوات التي تساعده في التعامل مع تلك الصعوبات وتذليلها قدر الامكان.

المراجع:

حجازي،  يحيى (2002). الصعوبات اتخاذ القرار المهني، المركز الفلسطيني للإرشاد، القدس: مطبعة CMS.

אל-חג', מ., אפנשטיין, נ., וסמיונוב, מ. (1994). הערבים בישראל בשוק העבודה. ירושלים: מכון פלורסהיימר למחקרי מדיניות.

הלאל, ג. (1999). דור העוני בשטחים הפלסטינים. בתוך מנאע, ע. (עורך), הפלסטינים במאה העשרים: מבט מבפנים (135-151). רעננה: המרכז לחקר החברה בישראל.

זיו, א. (1984). גורמים משפיעים על בחירת מקצוע, התבגרות , 165-183. תל אביב: פפירוס.

חג' יחיא, מ. (1994). המשפחה הערבית בישראל: ערכיה התרבותיים וזיקתם לעבודה סוציאלית, חברה ורווחה, י"ד (3-4), 249-264.

טנא, ד. (1987). נערות במצוקה היבטים טיפוליים. האוניברסיטה העברית בירושלים.

פרידמן, י. (1989). מתבגרים כמקבלי החלטות. ירושלים: מכון הנרייטה סאלד.

Al-Haj, M., (1987). Social change and family processes, Boulder: Westview Press.

Barakat, H. (1990) Future conception of university students. Studies in social psychology in Arab world, Cairo: Al-Nahda press.

Barakat, H. (1985). The Arab family and the change of social transformation. In E.W. Frarnea (Ed.), Women and family in the middle east: New voices of change: (pp.27-48)  Osten: University of Texas Press.

Fabricious, W. V.,  & Hagen, J. W., (1984). Use of  social attribution about recall performance to assess metamemory and predict strategic memory behavior in young children. Developmental Psychology, 20, 975-987.

Gati, I., Krausz, M. & Osipow, S. H. (1996). A taxonomy of difficulties in career decision making. Journal of Counseling Psychology, 43, 510-526.

Gati, I., Osipow, S. H., & Givon, M. (1995). Gender differences in career decision making: The content and structure of preferences. Journal of Counseling Psychology, 42, 204-216.

Holland, J. L. (1985). Making vocational choices: A theory of vocational personalities and work environments (2nd ed.). Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall.

Jepsen, D. A., & Dilley, J. S. (1974). Vocational decision making models: A review and comparative analysis. Review of Educational Research, 44, 331-349.

Keating, D. P. (1990). Adolescent thinking. In S. Feldman and G. Elliott (Eds.). At the threshold: The developing adolescent. Cambridge, MA: Harvard University Press.

Lewin, K. (1951). Field theory in social science: Selected theoretical papers. In Cartwright D. (Ed), New-York: Harper.

Osipow, S. H., & Fitzgerald, L. F., (1996). Theories of career development (4th ed.), Boston, MA: Allyn and Bacon.

Osipow, S.H., & Gati, I. (1998). Construct and concurrent validity of career decision making difficulties questionnaire. Journal of Career Assessment, 6, 347-364.

Payne, J.W., Bettman, J., & Johnson, E. (1993). The adaptive decision maker. Cambridge University Press. 

Quadrel, M. J., Fischhoff, B., & Davis, W. (1993). Adolescent vulnerability. Amirican Psychologist, 48. 102-116.

Sa’dawi, N. (1990). Gender studies in Arab culture, Beirut: Al-Fares Press.

Salomone, P. R. (1982). Difficult cases in career counseling: I- Unrealistic vocational aspirations. Personal and Guidance Journal, 60, 283-286.

Simonson, I. (1989). Choice based on reasons: The case of attraction and compromise effects. Journal of Consumer Research, 16, 281-295.

Super, D. E. (1955). The dimensions and measurement of vocational maturity. Teachers College Records, 57, 151-163.

Zureik, E. (1979). The Palestinian in Israel: A study in internal colonialism. London: Routledge & Kegan Paul